responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 182
وَلَمَّا كَانَ الْأَصْلُ لَا يَتَحَقَّقُ أَدَاؤُهُ إلَّا بِتَعَيُّنِهِ وَلَا تَعْيِينَ إلَّا بِالتَّقْوِيمِ صَارَ التَّقْوِيمُ أَصْلًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَصَارَتْ الْقِيمَةُ مُزَاحِمَةً لِلْمُسَمَّى بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِدُونِ التَّقْوِيمِ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ قَضَاءً مَحْضًا فَلَمْ يُعْتَبَرْ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِنْ قَضِيَّةِ الشَّرْعِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ حُكْمَ الْأَمْرِ مَوْصُوفٌ بِالْحُسْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّوْبَ أَوْ الدَّابَّةَ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهَا جَهَالَةُ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمَعْنَى كُلِّ جِنْسٍ يُعْدَمُ فِي الْجِنْسِ الْآخَرِ فَلَا يَتَحَمَّلُ فَأَمَّا الْعَبْدُ هَهُنَا فَمَعْلُومُ الْجِنْسِ وَلَكِنَّهُ مَجْهُولُ الْوَصْفِ وَهِيَ جَهَالَةٌ يَسِيرَةٌ فَتَتَحَمَّلُ فِيمَا بُنِيَ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَهُوَ النِّكَاحُ دُونَ مَا بُنِيَ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَهُوَ الْبَيْعُ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْوَسَطُ فَإِذَا أَتَى بِهِ أُجْبِرَتْ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى عَيْنَ الْوَاجِبِ، وَلَوْ أَتَى بِالْقِيمَةِ أُجْبِرَتْ عَلَى الْقَبُولِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ تَسْلِيمُ قِيمَةِ الشَّيْءِ قَضَاءً لَهُ لَا مَحَالَةَ إذْ هُوَ تَسْلِيمُ مِثْلِ الْوَاجِبِ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ الْقِيمَةُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ الْأَصْلِ وَلَكِنَّ هَذَا الْأَصْلَ وَهُوَ الْمُسَمَّى لَمَّا كَانَ مَجْهُولًا بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ وَمَعْلُومًا بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ صَحَّ تَسْلِيمُهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَعْلُومًا كَمَا لَوْ كَانَ عَبْدًا لَهُ بِعَيْنِهِ، وَاحْتَمَلَ الْعَجْزَ بِاعْتِبَارِ جَهَالَةِ الْوَصْفِ إذْ لَا يُمْكِنُهُ تَسْلِيمُ الْمَجْهُولِ فَيَجِبُ الْقِيمَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَمَا إذَا سَمَّى عَبْدَ نَفْسِهِ فَأَبَقَ ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ وَهُوَ الْعَبْدُ الْمُسَمَّى لَا يَتَحَقَّقُ أَدَاؤُهُ لِجَهَالَةِ وَصْفِهِ، إلَّا بِتَعْيِينِهِ أَيْ بِتَعَيُّنِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْمُسَمَّى وَهُوَ إضَافَةُ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ.
وَلَا تَعْيِينَ إلَّا بِالتَّقْوِيمِ، صَارَ التَّقْوِيمُ أَيْ الْقِيمَةُ أَصْلًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إذْ هِيَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ قَبْلَ الْعَبْدِ الَّذِي يَقْضِي بِهِ فَكَانَ تَسْلِيمُهَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَدَاءً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ خَلَفٌ عَنْ الْأَدَاءِ فَيَثْبُتُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْأَصْلِ لَا قَبْلَهُ، فَصَارَتْ الْقِيمَةُ مُزَاحِمَةً لِلْمُسَمَّى أَيْ مُسَاوِيَةً لَهُ فِي الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَصْلًا فِي الْإِيفَاءِ اعْتِبَارًا وَالْعَبْدُ أَصْلُ تَسْمِيَةٍ فَكَأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ فَلِهَذَا يُخَيَّرُ الزَّوْجُ، وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ هُوَ دُونَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْقِيمَةِ إنَّمَا وَجَبَ لِإِمْكَانِ التَّسْلِيمِ وَهُوَ عَلَيْهِ دُونَ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ الْمَوْصُوفِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَعْلُومٌ جِنْسًا وَوَصْفًا فَكَانَتْ قِيمَتُهُ قَضَاءً خَالِصًا فَلَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ.
(فَإِنْ قِيلَ) فَعَلَى مَا ذَكَرْتُمْ يَصِيرُ كَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ أَوْ قِيمَتِهِ وَذَلِكَ يُوجِبُ فَسَادَ التَّسْمِيَةِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ إذَا كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الْعَبْدَ فَقَالَ تَزَوَّجْتُك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ قِيمَتِهِ لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ فَعِنْدَ جَهَالَةِ الْعَبْدِ أَوْلَى.
(قُلْنَا) إنَّمَا يُفْسِدُ التَّسْمِيَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَيَّ عَبْدٌ وَقِيمَتُهُ صَارَتْ الْقِيمَةُ وَاجِبَةً بِالتَّسْمِيَةِ ابْتِدَاءً وَهِيَ مَجْهُولَةٌ؛ لِأَنَّهَا دَرَاهِمُ مُخْتَلِفَةُ الْعَدَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اخْتِلَافٍ يَقَعُ بَيْنِ الْمُقَوِّمِينَ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ عَبْدٌ أَوْ دَرَاهِمُ فَيَفْسُدُ لِلْجَهَالَةِ، فَأَمَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ عَبْدٌ فَقَدْ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ؛ لِأَنَّ جَهَالَتَهُ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَلَمْ تَجِبْ الْقِيمَةُ بِهَذَا الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ مَا سَمَّاهَا فِيهِ لَكِنَّهَا اُعْتُبِرَتْ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ تَسْلِيمِ الْمُسَمَّى لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ إلَّا بِمَعْرِفَتِهَا، وَلَمَّا كَانَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى تَسْمِيَةِ مُسَمًّى مَعْلُومٍ جَازَ أَنْ يَثْبُتَ كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَاسْتُحِقَّ أَوْ هَلَكَ فَإِنَّ الْقِيمَةَ تَجِبُ وَيَنْتَصِفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِنَاءً عَلَى مُسَمًّى مَعْلُومٍ لَا ابْتِدَاءً كَذَا فِي الْأَسْرَارِ

[حُكْمَ الْأَمْرِ يُوصَفُ بِالْحُسْنِ]
قَوْلُهُ (وَمِنْ قَضِيَّةِ الشَّرْعِ) أَيْ وَمِنْ حُكْمِ الشَّرِيعَةِ، فِي هَذَا الْبَابِ أَيْ بَابِ الْأَمْرِ، أَنَّ حُكْمَ الْأَمْرِ أَيْ الْمَأْمُورِ بِهِ يُوصَفُ بِالْحُسْنِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ ثُبُوتَ الْحُسْنِ لِلْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ قَضَايَا الشَّرْع لَا مِنْ قَضَايَا اللُّغَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ تَتَحَقَّقُ فِي الْقَبِيحِ كَالْكُفْرِ وَالسَّفَهِ وَالْعَبَثِ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْحُسْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ السُّلْطَانَ الْجَائِرَ إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست